روائع مختارة | روضة الدعاة | استراحة الدعاة | آداب زيارة.. المسجد النبوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > استراحة الدعاة > آداب زيارة.. المسجد النبوي


  آداب زيارة.. المسجد النبوي
     عدد مرات المشاهدة: 8096        عدد مرات الإرسال: 0

مع أن زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ليست ركنًا من أركان الحج أو العمرة؛ إلا أنها من أعظم الأمور التي ينبغي للحاج والمعتمر أن يحرص عليها.

بل إنها مستحبَّة في أي وقت من أوقات العام، سواء أكان ذلك قبل الحج أم بعده؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إلى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى"[1].
 
وذلك لما لمسجده صلى الله عليه وسلم من فضيلة عظيمة، حيث تُضاعف العبادة؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: "صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ"[2].

وهو المسجد الذي أُسِّس على التقوى-وليس مسجد قباء- فقد روى أبو سعيد الخدريُّ-رضي الله عنه- قال: دخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه، فقلت:

يا رسول الله، أيُّ المسجدين الذي أُسِّسَ على التقوى؟ قال: فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ، فَضَرَبَ بِهِ الأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: "هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا". لمسجدِ المدينة[3].

ويُعلِّق النووي على هذا الحديث فيقول: "هذا نصٌّ بأنَّه المسجد الَّذي أُسِّسَ على التَّقوى المذكور في القرآن، وردٌّ لما يقول بعض المفسِّرين أنَّه مسجد قُبَاء"[4].
 
ويمكن إجمال آداب زيارة هذا المسجد العظيم فيما يلي:

- إذا توجَّه المسافر قاصدًا زيارة مسجده صلى الله عليه وسلم فليُكثر من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم في طريقه.

وليستحضر في قلبه شرف المدينة، وأنها أفضل الأرض بعد مكة عند بعض العلماء، وعند بعضهم أفضلها مطلقًا.
 
- إذا وصل إلى باب مسجده صلى الله عليه وسلم، فليُقَدِّم رجله اليمنى، وليقل: "بِاسْمِ اللهِ، وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ"[5].

"أَعُوذُ بِاللهِ الْعَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ[6]"[7]. كما يقول ذلك عند دخول سائر المساجد.
 
- ثم يُصَلِّي ركعتين تحية المسجد، والأفضل أن تكونا في الروضة الشريفة، بدون إيذاءٍ للآخرين، وموضع الروضة ما بين منبر النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي"[8]. ويدعو فيهما بما أحبَّ من خيري الدنيا والآخرة.
 
- ينبغي لعموم المُصَلِّين في المسجد النبوي أن يحرصوا على صلاة الفريضة في الصفوف الأولى، ولو كانت خارج الروضة الشريفة؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا..."[9].

وقد قال هذا الكلام للصحابة وهم يُصَلُّون في مسجده فعلًا، ويُصبح بذلك أجر الصلاة في الصف الأول-ولو خارج الروضة- أعلى من أجر الصلاة في الصف الثاني أو الثالث أو ما بعدهما في الروضة الشريفة.
 
ويُصدِّق ذلك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الْعِرْبَاضُ بن ساريَة-رضي الله عنه- من أن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "كَانَ يُصَلِّي عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ ثَلاَثًا وَعَلَى الثَّانِي وَاحِدَةً"[10]. وفي رواية أخرى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ "يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ المُقَدَّمِ ثَلاَثًا وَلِلثَّانِي مَرَّةً"[11].
 
- وبعد الصلاة يذهب إلى زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فيقف مواجهًا القبر الشريف، مستحضرًا في قلبه جلالة ومنزلة مَنْ هو بحضرته، ثم يُفَضَّلُ أن يقوم بالأعمال التالية:
 
- يُسَلِّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلًا: "السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته".
 
- ثم يُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم بأي صيغة من صيغ الصلاة عليه، كأن يقول:

"اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيْتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".
 
- ويمكن أن يقول بعد ذلك: "أشهد أنك قد بَلَّغْتَ الرسالة، وأَدَّيْتَ الأمانة، ونصحتَ الأمة، وجاهدت في الله حقَّ جهاده". فلا بأس بذلك، أو غير ذلك من أوصافه الجليلة صلى الله عليه وسلم.
 
- ثم يتنحَّى إلى يمينه قليلًا فيُسَلِّم على أبي بكر-رضي الله عنه- قائلًا: السلام عليك يا أبا بكر؛ صَفِيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثانيه في الغار، جزاك الله عن أُمَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا.
 
- ثم يتنحَّى إلى يمينه أيضًا فيُسَلِّم على عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قائلًا: السلام عليك يا عمر، الذي أعزَّ الله به الإسلام، جزاك الله عن أُمَّة نبيه صلى الله عليه وسلم خيرًا. ويدعو له ولأبي بكر ويترضَّى عنهما.
 
فائدة:

كان ابن عمر-رضي الله عنهما- إذا سَلَّم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه لا يزيد على قوله: "السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه.

ثم ينصرف"[12]. فليس هناك مشكلة إذا لم يستطع الزائر أن يحفظ ما ذكرناه من صيغ، إنما يكفيه أن يُسَلِّم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه بأي صيغة من الصيغ.
 
تنبيه:

- يُكره للزائر أن يرفع صوته رَفْعًا فاحشًا عند القبر بالسلام؛ لأن ذلك يُنافي الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2].
 
- لا يُشرع للزائر استقبال القبر عند الدعاء، وإنما يستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويمجده، ويدعو لنفسه بما شاء ولوالديه، ومَنْ شاء من أقاربه ومشايخه وإخوانه وسائر المسلمين. ولا يجوز سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم قضاء الحوائج أو تفريج الكروب، أو نحو ذلك مما لا يُطلب إلاَّ من الله سبحانه.
 
- ينبغي للزائر أن يحرص على أداء الصلوات الخمس في مسجده صلى الله عليه وسلم، وأن يغتنم وقته بالإكثار من الذكر والدعاء وصلاة النافلة؛ لما في ذلك من الأجر الجزيل.
 
[1] البخاري (1132)، ومسلم (1397)، واللفظ له.
[2] البخاري (1133)، ومسلم (1394).
[3] مسلم (1398)، والترمذي (323)، والنسائي (11228)، وأحمد (11061).
[4] النووي: المنهاج 9/169.
[5] ابن ماجه (771)، وأحمد (26460)، وقال شعيب الأرناءوط: صحيح لغيره دون قوله: "اللهم اغفر لي ذنوبي". فحسن. وأبو يعلى (6754)، وقال النميري: هذا حديث حسن غريب. الإعلام بفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام، ص66، (119).
[6] أبو داود (466)، وقال النووي: حديث حسن، رواه أبو داود بإسناد جيد. انظر: خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام 1/314، وقال ابن حجر: حديث حسن رواه أبو داود بإسناد جيد. انظر: نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار 1/274.
[7] قال الشوكاني: فينبغي لداخل المسجد والخارج منه أن يجمع بين التَّسمية والصَّلاة والسَّلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدُّعاء بالمغفرة والدُّعاء بالفتح لأبواب الرَّحمة داخلًا ولأبواب الفضل خارجًا، ويزيد في الخروج سؤال الفضل. انظر: نيل الأوطار 2/181.
[8] البخاري (1138)، ومسلم (1391).
[9] البخاري (590)، ومسلم (437).
[10] النسائي (891)، وابن ماجه (17197)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح. وابن حبان (2158)، والبيهقي: السنن الكبرى، (4975). وصححه الألباني، انظر: التعليقات الحسان 4/45، (2155).
[11] ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب فضل الصف المقدم (996)، وأحمد (17188)، وقال شعيب الأرناءوط: حديث صحيح. والحاكم (788)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على الوجوه كلها إلا أن الشيخين لم يخرجاه. وقال النووي: رواه النسائي، وابن ماجه والحاكم، وإسناد ابن ماجه صحيح. انظر: خلاصة الأحكام 2/712، (2492).
[12] البيهقي: السنن الكبرى (10051)، وعبد الرزاق في مصنفه (6724)، وصححه الألباني، انظر: فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ص81، (100).

الكاتب: د. راغب السرجاني

المصدر: كتاب (الحج والعمرة.. أحكام وخبرات) للدكتور راغب السرجاني